تخطى الى المحتوى

دعهم… وستعرف نفسك

اثير
اثير

كثير مما يربكنا لا يأتي من الناس، بل من محاولتنا ضبط كل شيء حولهم.

أن نفهم، أن نُفهم، أن نتدارك ما يمكن أن يتغيّر قبل أن يتغيّر.

نقضي وقتًا طويلًا ونحن نُراقب ردود أفعالهم، ونفترض مسؤوليتنا عنها.

Mel Robbins تقولها ببساطة:

“دعهم.”

لا بوصفها لا مبالاة… بل كأداة للعودة إلى الداخل.

لأن ما يحدث حين تتوقف عن التركيز عليهم، هو أنك تبدأ برؤية نفسك.

أولًا: المسافة ليست ضعفًا

حين تنسحب خطوة إلى الوراء، حين لا ترد، ولا تشرح، ولا تبرر، حين تدعهم يتصرفون كما يشاؤون دون أن تتعلّق بتفسير،

تبدأ بشيء مختلف:

أن تراقب مشاعرك أنت، لا تصرفاتهم هم.

“دعهم” ليست دعوة للتجاهل، بل تذكير بأن ضبط إيقاعك أهم من تحليل ضجيجهم.

ومع كل خطوة إلى الداخل، يظهر سؤال لم يكن واضحًا من قبل:

لماذا أنا دائمًا الشخص الذي يُصلح؟ من الذي أوهمني أن مهمتي في الحياة هي التعديل؟

ثانيًا: التركيز المفرط على الآخر… حيلة للهروب من الذات

Mel Robbins تُشبه التعلّق بمحاولة إصلاح الناس بأنه شكل من أشكال القلق المقنّع.

لأنك حين تظل منشغلًا بتغيير الآخر، أنت – في الغالب – تؤجّل مواجهة شيء فيك:

موقف، أو جرح، أو احتياج لم يُسمح له أن يظهر.

لكن عندما تقول “دعهم”،

أنت لا تتخلّى عنهم بقدر ما تتوقّف عن التخلّي عن نفسك.

ثالثًا: في الابتعاد، تظهر الحقيقة

“دعهم” تكشف لك شيئًا آخر:

أنك كنت تتعامل أحيانًا مع فكرتك عن الناس، لا حقيقتهم.

أن القرب لم يكن دائمًا دليلًا على العمق.

وأن الذين يغادرون حين لا تُطاردهم… لم يكونوا قريبين كما ظننت.

Mel تكتبها بوضوح:

“عندما تتوقّف عن الركض خلفهم، تبدأ برؤية من كان يركض نحوك فعلًا.”
وحين ترى الحقيقة… يظهر سؤال لم تكن تملك له وقتًا من قبل:
إن لم أملك الآن سوى نفسي، هل أحتملها؟
هل أكون بخير لو بقيت وحدي لفترة؟
هل ما يكفيني داخلي… أم أني دائمًا أحتاج من يثبت لي أني كافٍ؟

رابعًا: الالتفات إلى الذات ليس أنانية

Mel Robbins توضح أن “دعهم” لا تعني أن تبتعد عن العالم، بل أن تعود إلى نفسك.

أن تُخفّف من مراقبة الآخرين، وتراقب ما يحدث داخلك.

أن تسأل: لماذا يربكني هذا الموقف؟

ولماذا أربط قيمتي برأي أو تصرف؟


التركيز على نفسك ليس انعزالًا،

بل نوع من الحضور.

أن تعود إلى مركزك،

حيث لا تتحكم في الناس،

لكن لا تجعلهم يتحكمون بك أيضًا.

في الختام: هذا كله ليس عنهم

“دعهم” تبدو في ظاهرها عن الآخر.

لكنها في حقيقتها عنك.

عن اتساعك الداخلي، عن حدودك، عن صوتك الذي لم يكن يجد فرصة ليتكلم.

هي ليست قسوة، ولا تهرّب.

بل طريقة هادئة لتقول لنفسك:


أنا لا أريد أن أتغير مع كل موقف…
ولا أن أتأثر بكل انسحاب، أو صمت، أو تجاوز.


كل مرة تقول فيها “دعهم”، أنت لا ترفضهم، بل تُعيد ترتيبك.

تبتعد قليلًا… فتراهم كما هم، وترى نفسك كما لم ترها من قبل.

التحسين المستمرالعلاقات والمشاعر

المنشورات ذات الصلة

التقدّم البطيء.. حين نعيد فهم معنى التغيّر

نبدأ بشغف. نضع الأهداف، نخطط، نتحمّس، ونتحرّك. ثم، مع مرور الأيام، تبدأ الخطوة بالتباطؤ، ويتسلل الشك: هل ما أفعله يُحدِث فرقًا؟ أم أنني أُرهق نفسي دون نتيجة؟ ما يُربك في التقدّم البطيء أنه لا يَمنحنا إشارات فورية. لا يُكافئنا سريعً

الابتكار.. ممارسة وليس شعار

بين ما يُقال، وما يُمارَس في السنوات الأخيرة، أصبح الابتكار من أكثر المفاهيم تداولًا في بيئات الأعمال والمؤسسات العامة والخاصة. نسمع عنه كثيرًا، نراه في العروض التقديمية، ونقرأه في الاستراتيجيات والتقارير السنوية. لكن التحدي الحقيقي ليس في ذكر الكلمة، بل في ممارستها. وهنا تحديدًا،

لا أحد يملأ الفراغ… والله وحده يفعل

تمهيد لا بد منه… هناك شعور يصعب الإمساك به أو تسميته بدقة. هو ليس حزنًا واضحًا، ولا فرحًا ناقصًا… بل فراغ. فراغ داخلي، كأن شيئًا ما فيك ناقص، حتى لو بدا كل شيء في الخارج مستقرًا. أحيانًا، يظهر هذا الفراغ فجأة. وأحيانًا